الأحد، 9 نوفمبر 2014

شبهة هروب الصحابة يوم حنين

شبهة فرار الكثير من الصحابة يوم أحد ويوم حنين ونزول قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [آل عمران : 155]
والجواب:
§  
أن الفرار يوم أحد كان قبل النهي، ولئن قلنا: كان بعده فهو معفو عنه، بدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [آل عمران : 155]. فالله قد عذرهم وعفا عنهم، وهو الذي زكاهم وأثنى عليهم فهل لأحد أن يعترض على الله؟! وأما الفرار يوم حنين فقد أخبر تعالى أنه كان ابتلاء لهم وتربية لهم حتى لا يعتمدوا على كثرتهم، بل الاعتماد يكون على الله وحده، فقال تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ [التوبة:25-26]. ولا يخفى أن في هذه المعركة كان منهم قريبو عهد بإيمان.

معركة حنين
1-    ذكروا بأن الصحابة قد فروا، وهذا غير صحيح؛ لأن الفرار المحرم بالآية الكريمة هو ماكان بنية عدم الرجوع .
قال الطبري: الانهزام المنهي عنه هو ما وقع على غير نية العود وأما الاستطراد للكثرة فهو كالتحيز إلى فئة.

2-    روى البخاري: ((فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ مَا بَالُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ)) تعني أنه انضم إلى المجموعة التي فيها عمر،
س/ ولكن السؤال أين كان عمر؟
الجواب كما في الرواية في البخاري حيث قال أبو قتادة  : ((وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ فَقُلْتُ لَهُ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ))
فالذي يكون في الناس لا يكون هاربا لأنه إذا كان هاربا فلا يصح أن يطلق عليه (في الناس) كما في قوله تعالى : (وأذن في الناس) فهل المؤذن يلحق الناس أم الناس يتبعون نداء المؤذن ويأتون إليه؟
فالذي تعنيه هذه الرواية أن عمر كان ينادي الناس بأن يثبتوا في الحرب ويرجعوا وقد حصل ذلك فاستجابوا لعمر ورجعوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام كما في قوله : ((ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) ويجب التنبيه أن كل الناس رجعوا إلى النبي ولم يفر أحد كما في الرواية

3-    قول أبي قتادة : ((وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ)) هو لم يقل وانهزم عمر
وهذا لا يعني أن أبا قتادة قد فر من المعركة لأنه ذكر بأنه كان يتقاتل مع أحد المشركين حتى دفعه وقتله ثم انحاز إلى فئة عمر بن الخطاب كما في قوله ((وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ)) ثم تراجع الناس بعدما دعاهم عمر رضي الله عنه
فمعنى قوله وانهزمت معهم أنه ترك موقعه وانحاز إلى فئة عمر رضي الله عنه أما باقي الصحابة فقد رجعوا إلى رسول الله بعدما دعاهم عمر

4-    أن هناك روايات ذكرت بأن أبا بكر وعمر كانا مع النبي ولم يفرا، وإليك هذه الروايات:

·        حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال لما استقبلنا وادى حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه انحدارا قال وفى عماية الصبح وكان القوم قد سبقوا إلى الوادي فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه قد أجمعوا وتهيؤا وأعدوا فو الله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد وانهزم الناس أجمعون فانشمروا لا يلوى أحد عن أحد وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال أين أيها الناس هلم إلى أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله قال فلا شئ احتملت الابل بعضها بعضا فانطلق الناس إلا أنه قد بقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والانصار وأهل بيته وممن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ومن أهل بيته علي بن أبى طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث وربيعة ابن الحارث وأيمن بن عبيد وهو أيمن بن أم أيمن وأسامة بن زيد بن حارثة قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام الناس وهوازن خلفه إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه ولما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان حرب لا تنتهى هزيمتهم دون البحر والازلام معه في كنانته وصرخ كلدة بن الحنبل وهو مع أخيه صفوان بن أمية بن خلف وكان أخاه لامه وصفوان يومئذ مشرك في المدة التى جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا بطل السحر اليوم فقال له صفوان اسكت فض الله فاك فو الله لان يربنى رجل من قريش أحب إلى من أن يربنى رجل من هوازن وقال شيبة بن عثمان بن أبى طلحة أخو بنى عبد الدار قلت اليوم أدرك ثأري وكان أبوه قتل يوم أحد اليوم أقتل محمد قال فأردت رسول الله لاقتله فأقبل شئ حتى تغشى فؤادي فلم أطق ذلك وعلمت أنه قد منع منى. تاريخ الطبري 2/347
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
·      حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن جابر بن عبد الله قال : لما استقبلنا وادي حنين قال انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه انحدارا قال وفي عماية الصبح وقد كان القوم كمنوا لنا في شعابه وفي أجنابه ومضايقه قد أجمعوا وتهيؤا وأعدوا قال فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد وانهزم الناس راجعين فاستمروا لا يلوي أحد منهم على أحد وانحاز رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات اليمين ثم قال إلي أيها الناس هلم إلي أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله قال فلا شيء احتملت الإبل بعضها بعضا فانطلق الناس إلا أن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم رهطا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته غير كثير وفيمن ثبت معه صلى الله عليه و سلم أبو بكر وعمر ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل بن عباس وأبو سفيان بن الحرث وربيعة بن الحرث وأيمن بن عبيد وهو بن أم أيمن وأسامة بن زيد قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر في يده راية له سوداء في رأس رمح طويل له أمام الناس وهوازن خلفه فإذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه فاتبعوه قال بن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جمله ذلك يصنع ما يصنع إذ هوى له علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه قال فيأتيه علي من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانعجف عن رحله واجتلد الناس فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه و سلم. مسند أحمد 3/376
قال العلامة شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق فهو صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث في "سيرة ابن هشام"، و"مسند أبي يعلى" فانتفت شبهة تدليسه.
والحديث في "سيرة ابن هشام" 4/85-86 و87- 88. وزاد عنده فيمن ثبت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابناً لأبي سفيان بن الحارث، وذكر هناك أن أيمن بن أم أيمن قتل يومئذ.
وأخرجه البزار (1834) من طريق يحيى بن سعيد، وأبو يعلى (1862)
و (1863) ، وابن حبان (4774) من طريق عبد الأعلى، والبيهقي في دلائل النبوة (( 5 / 120, 126 ))
·      قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، قَالَ لَمّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أَجْوَفَ حَطُوطٍ إنّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا ، قَالَ وَفِي عَمَايَةِ الصّبْحِ وَكَانَ الْقَوْمُ . قَدْ سَبَقُونَا إلَى الْوَادِي ، فَكَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ وَأَحْنَائِهِ وَمَضَايِقِهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا وَتَهَيّئُوا وَأَعَدّوا ، فَوَاَللّهِ مَا رَاعَنَا وَنَحْنُ مُنْحَطّونَ إلّا الْكَتَائِبُ قَدْ شَدّوا عَلَيْنَا شَدّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَانْشَمَرَ النّاسُ رَاجِعِينَ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ . وَانْحَازَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَاتَ الْيَمِينِ ثُمّ قَالَ أَيْنَ أَيّهَا النّاسُ ؟ هَلُمّوا إلَيّ ، أَنَا رَسُولُ اللّهِ أَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ . قَالَ فَلَا شَيْءَ حَمَلَتْ الْإِبِلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَانْطَلَقَ النّاسُ إلّا أَنّهُ قَدْ بَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَفَرٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَفِيمَنْ ثَبَتَ مَعَهُ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ ، وَابْنُهُ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبّاس ِ وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ . وَأَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : اسْمُ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ جَعْفَرٌ وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ الْمُغِيرَةُ وَبَعْضُ النّاسِ يَعُدّ فِيهِمْ قُثَمَ بْنَ الْعَبّاسِ ، وَلَا يَعُدّ ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ .سيرة ابن هشام 4/894

قال العلامة شعيب الأرنؤوط  في تحقيقه على مسند أحمد: إسناده حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن إسحاق فهو صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث في "سيرة ابن هشام"، و"مسند أبي يعلى" فانتفت شبهة تدليسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.